الحلقة الخامسة : تقدم لأحد فروع علم البلاغة وهو ( علم المعاني ) ، ونتعرف فى هذه الحلقة على ( الإطناب ) ومعنى الإطناب هو التعبير عن المعنى الواحد بأكثر من عبارة لفائدة . كما نرى فى إجابة سيدنا موسى " عليه السلام " على سؤال رب العالمين فى قوله تعالى ( وما تلك بيمينك يا موسى 17 قال هى عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب أخرى 18 ) الآيتان 17 ، 18 من سورة طه . نجد فيها إطنابًا لفائدة وهي سعادة المجيب بإطالة الحديث مع السائل .
ونتعرف فى الحلقة على صور الإطناب المختلفة مثل " الترادف " مثل قولنا " لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه " فالمعنى الثاني يؤكد المعنى السابق عليه . أو قوله تعالى فى سورة لقمان الآيه 17 ( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) نجد أن " إن ذلك من عزم الأمور " إطناب عن طريق التعليل .
ومن صور الإطناب أيضًا " ذكر الخاص بعد العام لإبراز أهمية الخاص " كقوله تعالى فى الآية 238 من سورة البقرة ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ) فالأمر هنا بالمحافظة على الصلوات جميعها بما فيها الصلاة الوسطى ، ثم خصها الله سبحانه وتعالى بعد ذلك بالذكر للإهتمام والعناية بالخاص وبيان زيادة فضل هذه الصلاة الوسطى " الفجر أو العصر " .
ومن صور الإطناب أيضًا " ذكر العام بعد الخاص لإفادة العموم والعناية بشأن الخاص " مثل قوله تعالى فى الآية 28 من سورة نوح ( رب اغفر لى ولوالدي ولمن دخل بيتى مؤمنًا وللمؤمنين والمؤمنات ) فقد ذكر الله سبحانه وتعالى المؤمنين والمؤمنات وهما لفظان عامان ، يدخل فى عمومهما " لي " و " لوالدي " والغرض لإفادة العموم والعناية بالخاص لذكره مرتين ، مرة وحده ، ومرة مندرجًا تحت العام .
ومن صور الإطناب أيضًا " الإيضاح بعد الإبهام " لتقرير المعنى فى ذهن المستمع ، كقوله تعالى فى الآيتين 10 ، 11 من سورة الصف ( يا أيها الذين آمنوا هلى أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم 10 تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ... 11 ) فلفظ التجارة فى الآية مبهم وغير واضح ما المراد به ؟ ولذلك أتى بعد ذلك تفسيره وتوضيحه فى قوله " تؤمنون بالله ورسوله "
ومن صور " الإطناب " أيضًا " التكرار " بهدف التوكيد أو التعظيم كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنا خيار من خيار من خيار " فالتكرار هنا للتعظيم والفخر والإعتزاز .
ثم " الإعتراض " بهدف ( التنبيه ، الدعاء ، التنزيه ) كقولنا " اسمع - يحفظك الله - إن الصدق يهدي إلى البر " فجملة " حفظك الله " اعتراضية للدعاء . ثم " التذييل " أن نأتى بحكمة عامة بعد تمام معنى الجملة ، كقول النابغة الذبياني ( ولستُ بمستبقِ أخًا لا تَلُمهُ .. على شعثِ أيُ الرجالِ المُهذَبُ ) فـ " أيُ الرجالِ المُهذَبُ " إطناب بالتذييل حيث أتى الشاعر بعبارة تجري مجرى الحكمة ، فلا يوجد إنسان يخلو من العيوب ، وهذه العبارة تعلل فكرة الشاعر وتؤكدها .